كيف تبدأ تنفيذ دورة تدريبية

كل مدرب يبدأ دورته التدريبية بالمقدمة المعتادة. يقدم نفسه، يوضح أهمية البرنامج التدريبي، يوضح مخطط تنفيذ البرنامج، ثم مقدمة مختصرة عن البرنامج. ثم يبدأ الجلسة الأولي من الدورة التدريبية بسرد أهداف الجلسة وعناصرها.

حتى الآن الشخص الوحيد الذى يتحدث هو المدرب. المتدربين صامتين تماما. بعضهم يشعر بالملل، وآخرون يعقدون أذرعهم ويقطبون عن حاجبيهم. بعضهم يفكر هل كان اختيار صحيح حضور هذه الدورة التدريبية.

التعامل مع صمت في بداية الدورة:

في حقيقة الأمر المدرب لم يقصر، فهو نفذ الخطوات بكفاءة، ولكن هناك فرق بين التدريب، والمحاضرة. المتدربين يحتاجون إلى التفاعل مع بعضهم، ومع المدرب، ويحتاجون تبادل الأراء والأفكار بدون رهبة.

التحدث يكسر الجليد دائما، لذا يجب منح الفرصة للمتدربين للتحدث في بداية الدورة، لأن ذلك يكسبهم الثقة ويزيل الرهبة. منح فرصة التحدث يبعد الدورة عن الشكل الرسمي ويجعلها وكأنها دردشة بين مجموعة من الأصدقاء.

إزالة الرهبة ومنح الراحة للمتدربين في بداية الدورة:

إذا لم يكن المتدربين يعرفون بعضهم، فيمكن للمدرب استخدام الطرق التالية لإزالة الحاجز فيما بينهم.

اجعلهم يقدمون أنفسهم:

اجعل كل متدرب يقدم نفسه للأخرين، وأهم شيء بالطبع هو الاسم، فأى شخص يحب أن يسمع اسمه عندما يتعامل معه الآخرين، فذلك يشعره بالراحة والألفة. عدم مخاطبة شخص باسمه يصيب الحديث بالبرود، ويجعل هذا الشخص يشعر وكأنك غير مهتم به، ولا ترغب فى معرفة معلومات عنه.

بالطبع لن يتذكر المتدربين الأسماء كلها بعد التعارف المبدئي، لذا يمكنك استخدام ملصقات يمكن رؤيتها من بعد، أمام مقعد كل شخص حتى يمكن للآخرين التعرف على الاسم، ومع التكرار سيتعلمون أسماء بعضهم.

اجعلهم يتشاركون الخلفية التعليمية والعملية:

اجعل كل متدرب يذكر باختصار مجال عمله و مساره التعليمي أو اهتماماته. ولكن إذا كان عدد المجموعة كبير يجب أن يتم ذلك بشكل مختصر وسريع، حتى لا تضيع وقت كبر في ذلك.

اجعلهم يذكرون أهدافهم واحتياجاتهم من الدورة:

ذلك لا يجعلك فقط تدير وتقدم البرنامج التدريبي وفقا لاحتياجاتهم، وإنما أيضا فرصة لإذابة الجليد ونشر الأفكار المختلفة فيما بينهم.

في النهاية أقول أن العديد من الدراسات أثبتت أن النتائج الغير مرضية لأى برنامج تدريبي غالبا يكون سببها عدم بذل مجهود كاف من المدرب لمنح المتدربين الراحة النفسية سواء لبيئة التدريب أو فيم بينهم. لا تجعل المتدربين يبدأون الدورة التدريبية وهم صامتين أو في موقف دفاعي أو لا يستجيبون عندما توجه لهم سؤال. لأن ذلك يجعل في النهاية أداء المتدربين ضعيف لأنهم لم يستوعبوا محتوى الدورة جيدا نظرا لعدم شعورهم بالراحة في بيئة التدريب.

استخدام أساليب بناء الفرق (المجموعة):

قد يكون المتدربين يعرفون بعضهم البعض، كأن يكونوا من مؤسسة واحدة، هنا لا يكون هناك حاجة إلى أساليب إذابة الجليد لأنهم يعرفون بعضهم البعض. لكن تذكر أنه مهم لك كمدرب أن تعرف أسماؤهم، ولكن هنا لن تكون في حاجة إلى الكثير من التفاصيل مثل الحال لو لم يكونوا يعرفون بعض.

هناك العديد من الأنشطة والتدريبات التى يمكن استخدامها لجعل المتدربين أكثر راحة ببيئة التدريب وفيم بينهم، من هذه الأنشطة أنشطة بناء الفرق (المجموعات) مستخدما فيها موضوعات متعلقة بالبرنامج التدريبي.

إبدأ الدورة التدريبية وكأن المتدربين سيشاهدون فيلم:

تذكر دائما آخر فيلم شاهدته وأعجبك. واسأل نفسك كيف كانت بدايته؟، هل جذبك إليه من أول خمس دقائق؟ هل كنت فعلا معجبا بالفيلم لدرجة أنك نسيت أنك تشاهد فيلم وكنت متفاعلا مع الشخصيات؟

تذكر دائما أن المقدمة والإنطباع الأول مؤثرا جدا حتى قبل أن تذكر اسم الدورة التدريبية. تذكر أن المتدربين يحضرون الدورة التدريبية وذهنهم مشغول بكثير من أشياء الحياة اليومية مثل إحضار الأولاد من المدرسة، إرسال البريد الإلكتروني للعملاء، القيام بعمليات الشراء .......... وغيرها، كل ذلك يسيطر على عقلهم وعليك أن تخرجهم من ذلك إلى عالم جديد.

يجب أن يكون هدفك في بداية الدورة التدريبية التأثير فى المتدربين وتجعلهم ينتبهوا ويشعروا بأهمية البرنامج التدريبي وحاجتهم له. هذا لايتم من خلال الموضوعات التدريبية فقط بل لابد أن يكون هناك بعض الترفيه والتسلية.

دعنا نوضح ذلك بمثال عن دورة تدريبية عن " تكوين شبكة علاقات جيدة فى العمل"، بدأ المدرب الدورة بتعريف مفهوم الشبكة، ومفهوم العلاقات الإنسانية والشخصية، ثم سرد أهمية العلاقات الجيدة فى العمل. بعد إنتهاء المدرب من الحديث سيجد المتدربين شعروا بالملل، وأى منهم ليس لديه أى فهم واضح ومحدد لما ذكره.

بدلا من هذا الأسلوب الضعيف لبداية الدورة يجب أن تعرف أولا كمدرب لماذا يحضر المتدربين هذه الدورة، وتقوم بتصميم وتقديم دورتك وفقا لذلك. حاول أن تجذبهم في بداية الدورة بأن تذكر "أننا هنا اليوم لتعلم مهارة جديدة، ربما لا يمتلكها الكثيرون منا، ولكننا في حاجة ملحة لها للنجاح في عملنا".

فمثلا ربما يحضر المتدربون هذه الدورة لأنهم يشعرون بالخجل عند التعامل مع الآخرين، ويريدون اكتساب مهارات للتعامل مع الغرباء، يريدون أن يتعلموا كيف يتركون انطباع جيد لدى الآخرين عن التعامل معهم للمرة الأولي، يريدون ان يتعلمون كيف يقدمون أنفسهم بشكل جيد، كيف يسوقون لأنفسهم.

هنا لتجذب انتباههم عليك أن تبدأ الدورة بسرد قصة لموقف جيد وآخر غير جيد في التعامل مع الآخرين، والفرق بين الموقفين ولماذا يحدث ذلك. وأن هذه الدورة سيتعلمون فيها كيف يتفادون التعرض لمثل هذا الموقف.

لا تقدم اعتذار أن الدورة مملة:

يعتقد بعض المدربين أن عليهم أن يوضحوا للمتدربين في بداية الدورة أن بها بعض الأجزاء المملة أو المعقدة، فمثلا يذكرون للمتدربين "عفوا هذه الدورة بها بعض الموضوعات التي قد تشعرون فيها بالملل، وسنحاول قدر الإمكان توضيحها وتبسيطها". 

لو توقفنا لحظة وتأملنا سنجد أن المدرب يقوم بذلك لتبرير السبب فى عدم استيعاب المتدربين أو شعورهم بالملل للمحتوى وليس إليه. إذا كان هناك أجزاء مملة فيمكن حذفها من الدورة أو العمل على جعلها ممتعة وجذابة. كمدرب لا تحاول أن تقدم هذه الرسالة التحذيرية للمتدربين معتقدا أن ذلك يبعد عنك اللوم للمحتوى الممل، لأن المتدربين لن يستوعبوا ذلك وستظل فى ذاكرتهم تجربتهم المملة في هذه الدورة.

حتي لو كان المحتوى جذاب وممتع لا تحاول أن تقول ذلك أيضا لأنك بذلك تفقد اهتمام المتدربين، ويتملكهم خيبة الأمل.

في النهاية أقول لو كان لديك محتوي ممل لا تذكر ذلك للمتدربين، ولكن عليك أن تفكر فى أساليب تجعل بها هذا المحتوى ممتع وجذاب، ويظل في ذاكرة المتدربين.